إن المتتبع لمسار النحو العربي في التراث اللساني العربي يدرك لا محالة ذلك الاتصال الوثيق بينه وبين علم الدلالة؛ حيث كانت الدلالة السبب الرئيسي في التقعيد للنحو العربي «وذلك أن أحد الأعراب قدم المدينة فقال: من يقرئني شيئاً مما أنزل الله على محمد (ص)؟ فأقرأه رجل من سورة براءة: ¨br&] ©!$# Öäü“̍t z`ÏiB tûüÏ.Ύô³ßJø9$#  ¼ã&è!qߙu‘ur [ (بكسر اللام) «عطفا على المشركين»، فقال الأعرابي: أن يكن الله بريء من رسوله، فأنا أبرأ منه، فبلغ عمر مقالة الأعرابي ... فصحح له الآية، وأمر ألا يقرئ القرآن إلا عالم باللغة وأمر أبا الأسود أن يضع النحو»([1])، ونفهم من هذه الرواية العربية أن النحو العربي تأسس تأسيساً دلالياً، يراعي المتكلم من خلاله استعمال القواعد النحوية في تجسيد الدلالة داخل الخطاب المرسل.

فالعلاقة بين علم الدلالة وعلم النحو علاقة وثيقة؛ حيث إن كل ما سبق ذكره مفرداً في جانب الدلالة الصوتية والصرفية «يؤدي وظيفته مجموعاً في علم النحو (التركيب)، ولذلك فالدلالة هنا تصبح أوفر، وتبدو كثيفة لكثرة عناصرها (الصوتية والصرفية والتركيبية)»([2])، التي تتداخل فيما بينها من أجل تحقيق الدلالة العامة للخطاب.



[1] بوادر الحركة اللسانية، عبد الجليل مرتاض، ص 72، نقلا عن كتاب: نزهة الألباب، ابن الأنباري، ص 19، 20، تحق: إبراهيم السمراتي، ط2، بغداد، العراق، 1970م.

[2] محاضرات في علم الدلالة، ص 92، 93.